الشعور بالضائقة عند تدمير الذائقة..! - مصر فور

صحيفة سبق 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تم النشر في: 

28 ديسمبر 2024, 6:48 مساءً

من التوجيهات المجتمعية الرائدة والجميلة والمعبرة، التي لا تُنسى للأمير تركي بن طلال -وفقه الله- خلال لقائه الأخير في (بودكاست) ثمانية: "يجب أن تشعر بالضائقة حينما تختلف وتتأثر الذائقة"، وفيها يؤكد سمو الأمير أهمية الذوق العام، وأهمية اتباعه، وتطبيق معاييره في كل مجالات الحياة.

الذوق العام ليس مجرد قواعد وأعراف وعادات اجتماعية نتبعها ونطبقها، بل هو انعكاس لثقافة الشعوب وتطورها وحضارتها.

عندما يتحدث الإنسان عن الذوق العام يشير إلى منظومة من القيم والسلوكيات والتصرفات التي تجعل الحياة أكثر انسجامًا وتناغمًا، وتشجع على الاحترام المتبادل بين الأفراد والمجتمعات.

من الضروري أن يشعر الإنسان بالانزعاج والألم والضيق عندما يرى ممارسات تخالف الذوق العام، سواء كانت هذه المخالفات في تصرفات الناس، أو في مظاهر البيئة المحيطة، كالمباني أو الحدائق.

هذا الشعور ليس دليلاً على السلبية أو الانتقاد المستمر، بل هو علامة ومؤشر على حس المسؤولية تجاه المجتمع والبيئة.

فالذوق العام لا يقتصر على الالتزام بالمظهر الشخصي أو اللباقة في التعامل، بل يشمل المحافظة على الجمال والنظام والترتيب في كل جوانب الحياة.

ومن الأمثلة على مخالفات الذوق العام وجود مبانٍ تفتقد التنسيق الجمالي، وتنتشر دون تخطيط، وتجدها مبنية بعشوائية مزعجة؛ فتشوه صورة المدينة، وتؤثر على راحتها البصرية.

في الحدائق العامة قد يُشاهَد أشخاصٌ يتركون القمامة -أكرمكم الله- ملقاة بعد التنزه؛ ما يؤدي إلى تدهور البيئة الطبيعية.

أما في التصرفات اليومية فقد تكون ببعض السلوكيات كرفع الصوت في الأماكن العامة، أو الرد على الجوال بطريقة سيئة وانعدام تام لخصوصية المكان، ودون مبالاة للأشخاص الموجودين، أو عدم احترام الطوابير.

كل ذلك أمثلة واضحة على تجاهل الذوق العام.

حين يرى الإنسان هذه المشاهد يجب ألا يمررها مرور الكرام.

الألم الناتج من هذه المخالفات هو المحرك الأول للتغيير، ودليل على الشعور بالمسؤولية.

الشعور بالانزعاج من هذه الظواهر السلبية يضع الفرد أمام مسؤولية واضحة: كيف يمكنني أن أساهم في تحسين وتطوير الوضع للأفضل؟

قد يبدأ التغيير بخطوات بسيطة، مثل تنبيه المخالف بطريقة لبقة وودية. على سبيل المثال: إذا رأيت شخصًا يُلقي القمامة في مكان غير مخصص يمكنك تذكيره بلطف بأهمية الحفاظ على النظافة. كذلك، يمكن للفرد أن يكون قدوة من خلال التزامه هو وأفراد أسرته بالقواعد التي تحافظ على الذوق العام؛ ما يشجع الآخرين على اتباع الطريقة نفسها، والمنهج نفسه، وهذا هو التغيير غير المباشر.

وإضافة إلى ذلك، يمكن للإنسان أن يلعب دورًا توعويًّا في مجتمعه؛ إذ يمكنه المساهمة في تنظيم حملات تنظيف الحدائق، أو المشاركة في أنشطة توعوية لتعزيز القيم والتصرفات السلوكية الصحيحة.

الإعلام أيضًا وسيلة مهمة لنشر ثقافة الذوق العام؛ إذ يمكن للفرد أن يُعبِّر عن آرائه عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الكتابة عن الموضوع لتوعية الآخرين.

وفي نهاية الأمر، الذوق العام هو تناغم وانسجام واحترام للذات والآخرين.. الذوق العام ليس مجرد واجب أو التزام، بل هو تأكيد على جمال الحياة، وواجبنا تجاه حماية هذه النعم الربانية.

عندما يلتزم الجميع به، وعندما يشعرون بالضائقة عند مخالفته، تصبح الحياة أكثر جمالاً، والعلاقات بين الناس أكثر ودًّا واحترامًا؛ لذا فإن الإحساس بالألم عند رؤية المخالفات ليس مجرد رد فعل، بل هو نقطة انطلاق نحو التغيير الإيجابي المثمر الذي يعكس حضارة المجتمع وتطوره، ويعزز قيمه الإنسانية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق