لاشك أن السؤال عن ما هي الصلاة العظيمة ؟، يعد أحد الأسرار التي لا يعرفها كثيرون، إلا أن فضلها ونفحاتها تدعونا إلى الوقوف عليها ، ومعرفة ما هي الصلاة العظيمة ؟، لعلنا نغتنمها ونكون من الفائزين في الدنيا والآخرة .
ما هي الصلاة العظيمة
قال الشيخ أحمد الطلحي، الداعية الإسلامي، إن "الصلاة العظيمة" هي دعاء يعبر عن حب عميق للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
وأوضح " الطلحي " في إجابته عن سؤال ما هي الصلاة العظيمية ؟، أن "الصلاة العظيمة" التي وردت في مؤلفات الإمام أحمد بن إدريس العرائشي، وهي الصلاة التي يتوجه بها المسلمون إلى الله تعالى بالصلاة على نبيهم محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وأضاف أنها تعرف باسم "الصلاة العظيمة"، لما بها من المعاني العميقة لهذه الصلاة المباركة، وأهميتها وثوابها العظيم، منوهًا بأن هذه الصلاة تأتي معانيها مليئة بالتعظيم والتقدير للنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، حيث يبدأ الداعي بذكر الله تعالى.
وتابع: ويطلب منه أن يجعل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- دائمة ومتجددة بدوام الله سبحانه وتعالى الذي لا ينتهي ولا يفنى، وكأن السائل يطلب من الله أن تظل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- مستمرة على مدى الأزمنة، لا تنقطع أبدًا، وتظل مرتبطة مع الله العظيم".
وأردف : "ثم تأتي كلمة 'تعظيمًا لحقِّك يا مولانا يا محمدُ يا ذا الخلق العظيم'، وهذا يعكس كيف أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو قدوة حسنة لجميع المسلمين، وصاحب الأخلاق العالية التي أثنى عليها الله سبحانه وتعالى.
واسنشهد بقول الله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) الآية 4 من سورة القلم، فيجب على المؤمن أن يعظم مكانته -صلى الله عليه وسلم- في قلبه وتوجيه دعاءه إليه، ثم نطلب من الله أن يُسلِّم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى آل بيته الكرام.
وأشار إلى أن هذه التحية والسلام تعتبر من أسمى الدعوات التي يُكرم بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأسرته الطاهرة. وهكذا نُعبر عن محبتنا لآل النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين هم من أهل الكرامة والمكانة الرفيعة.
ونبه إلى أن هذه الصلاة تمثل دعاءً عميقًا ومباركًا لا يقتصر على مجرد الكلمات، بل هو دعاء يعبر عن حب حقيقي وتقدير عميق للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولآل بيته، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- هي نوع من العبادة التي تعزز العلاقة الروحية مع الله، وتساعد المؤمن على نيل الثواب العظيم، وهي نوع من الشكر لله على نعمة النبوة والرسالة.
وأوصى جميع المسلمين بالإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: "اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وأزواجه وذريته، صلاة دائمة متجددة، في كل زمان ومكان، كما أمرنا الله ورسوله".
فضل الصلاة العظيمية
قال الشيخ أحمد بن إدريس رضى الله عنه : قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : يا أحمد قد أعطيتك مفاتيح السماوات والأرض وهى (الذكر المخصوص، والصلاة العظيمية، والاستغفار الكبير). بشرى عظيمة : قال الشيخ أحمد بن إدريس رضى الله عنه : لقد لقنها لي النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير واسطة فصرت أُلقن المريدين كما لقنني النبي -صلى الله عليه وسلم-.
حكم الصلاة العظيمية
وأفادت دار الإفتاء المصرية ، بأنه ظهرت في الأمة الصيغ المتكاثرة للصلاة على سيد الدنيا والآخرة، صلى الله عليه وعلى عترته الطاهرة؛ كالصلاة العلوية؛ التي كان سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يعلمها الناس على المنبر، والصلاة الأسعدية التي ذكرها الإمام الشافعي في أول "الرسالة"، والصلاة المشيشية للقطب السيد عبد السلام بن مشيش، وصلاة النور الذاتي للقطب السيد أبي الحسن الشاذلي.
واستطردت: والصلوات القادرية للقطب السيد عبد القادر الجيلاني، والصلاة الذاتية للقطب السيد إبراهيم الدسوقي، والصلاة الأسبقية للقطب السيد أحمد الرفاعي، والصلاة النورانية للقطب السيد أحمد البدوي، والصلاة العظيمية لسيدي أحمد بن إدريس، وغير ذلك من الصيغ التي تنوعت فيها المشارب والأذواق، وسارت في المسلمين مسير الشمس في الآفاق، وانتشرت بين الذاكرين عباراتُها وكلماتُها، وكثرت في الأمة مجالسها وحلقاتُها، وظهرت في الصالحين بركاتها ونفحاتُها.
وبينت أنه قد حدَّث علماء الأمة بما رأوه من المبشرات النبوية، لمَنْ ألهمه الله هذه الصيغ المباركة في الصلوات النبوية، وتناقلوها جيلًا عن جيل؛ مستشهدين بها على عظم ثواب ذلك وقبوله، ووقوعه موقعَ الرضا من الله ورسوله؛ صلى الله عليه وآله وسلم؛ كمثل رُؤَى الأئمة لبشارات المغفرة والقبول والرضوان للإمام الشافعي رضي الله عنه على ما ألهمه الله إياه من الصلاة الأسعدية في مقدمة "الرسالة"؛ كرؤيا الإمامِ عبد الله بن عبد الحكم [ت: 214هـ] تلميذِ الإمام مالك، التي نقلها الإمامُ الطحاويُّ الحنفي [ت: 321هـ] وحدَّث بها.
وواصلت: ورؤيا الإمام المُزَني [ت: 264هـ]، ورؤيا أبي الحسن الشافعي، ورؤيا ابن بُنان الأصبهاني، ورواها أو بعضَها جماعةٌ من الحفاظ؛ كالنميري، وابن بشكوال، وابن عساكر، وابن مسدي، والتاج السبكي في "الطبقات" (1/ 188، ط. هجر)، وساقها القاضي الحسين [ت: 462هـ] في "التعليقة" (1/ 116، ط. مكتبة نزار)، والحافظ ابن الجوزي في "صفة الصفوة" (1/ 438، ط. دار الحديث)، والشيخ ابن القيم في "جلاء الأفهام" (ص: 489)، والحافظ السخاوي في "القول البديع" (ص: 467)، والعلامة ابن حجر الهيتمي في "الدر المنضود" (ص: 257، ط. دار المنهاج)، وغيرهم.
وأشارت إلى أن من ذلك الصلاة المذكورة في السؤال: صلاة طبِّ القلوب؛ التي صيغتُها: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد طب القلوب ودوائها، وعافية الأبدان وشفائها، ونور الأبصار وضيائها، وقوت الأرواح وغذائها، وروح الأرواح وسر بقائها، وعلى آله وصحبه وسلم"، وهي صيغة مباركة صحيحة، للصلاة على سيد الأكوان وحبيب الرحمن وأعظم إنسان صلى الله عليه وآله وسلم، وفيها من الفرج والخير والبركة والفتح الميمون، ونفحات الصلاة على الأمين المأمون، ما رآه الذاكرون، وسعد به المصَلُّون، وقرَّتْ به العيون.
وشددت على أنه لا التفات إلى ما يثيره النابتة من بدعية هذه الصيغة واتهام قائليها بالشرك؛ فإنما أُتِيَ هؤلاء من جهلهم باللغة، وضيق أفهامهم عن سعتها وبلاغتها ومجازاتها، وسوء ظنهم بالمسلمين عبر القرون، وعدم إدراكهم للعجز البشري عن الإحاطة بالقدر المحمدي والمقام المصطفوي، ولو أنصفوا لعلموا أنَّ الله هو الذي وفَّق الأمة إلى إحسان الصلاة على نبيه المصطفى وحبيبه المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الذي ألْهَمَ المسلمين هذه الصيغ المباركة في الصلوات النبوية على خير البرية؛ لعظيم مكانته عليه، وكريم منزلته لديه، وأنَّ الناس لا يفهمون من قدره إلا بقدر ما تستطيعه أفهامهم وتبلغه عقولهم، وإلا فلا يَعْلَم قدَره، إلا الذي شرح صدره، ورَفَعَ ذكرَه، وأتمَّ نصره سبحانه وتعالى، وبناءً على ذلك: فالصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جائزةٌ بكل صيغة واردة أو مستحدَثة؛ ما دامت لائقة بمقامه الشريف وكماله المنيف صلى الله عليه وآله وسلم.
0 تعليق